responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 6  صفحه : 158
كَقَوْلِهِ تَعَالَى:" وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ" [1]] النساء: 116] أَمَّا إِنَّ الْخَوْفَ يَغْلِبُ عَلَيْهِمْ بِحَسَبِ الْوَعِيدِ وَكِبَرِ الْمَعْصِيَةِ [2]. الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ) استثنى عز وجل التَّائِبِينَ قَبْلَ أَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِمْ، وَأَخْبَرَ بِسُقُوطِ حَقِّهِ عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ:" فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ". أَمَّا الْقِصَاصُ وَحُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ فَلَا تَسْقُطُ. وَمَنْ تَابَ بَعْدَ الْقُدْرَةِ فَظَاهِرُ الْآيَةِ أَنَّ التَّوْبَةَ لَا تَنْفَعُ، وَتُقَامُ الْحُدُودُ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ إِنَّهُ يَسْقُطُ كُلُّ حَدٍّ بِالتَّوْبَةِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْآدَمِيِّ قِصَاصًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: أَرَادَ بِالِاسْتِثْنَاءِ الْمُشْرِكَ إِذَا تَابَ وَآمَنَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ تَسْقُطُ عَنْهُ الْحُدُودُ، وَهَذَا ضَعِيفٌ، لِأَنَّهُ إِنْ آمَنَ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ لَمْ يُقْتَلْ أَيْضًا بِالْإِجْمَاعِ. وَقِيلَ: إِنَّمَا لَا يُسْقَطُ الْحَدُّ عَنِ الْمُحَارِبِينَ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ- لِأَنَّهُمْ مُتَّهَمُونَ بِالْكَذِبِ فِي تَوْبَتِهِمْ وَالتَّصَنُّعِ فِيهَا إِذَا نَالَتْهُمْ يَدُ الْإِمَامِ، أَوْ لِأَنَّهُ لَمَّا قُدِرَ عَلَيْهِمْ صَارُوا بِمَعْرِضٍ أَنْ يُنَكَّلَ بِهِمْ فَلَمْ تُقْبَلْ تَوْبَتُهُمْ، كَالْمُتَلَبِّسِ بِالْعَذَابِ مِنَ الْأُمَمِ قَبْلَنَا، أَوْ مَنْ صَارَ إِلَى حَالِ الْغَرْغَرَةِ فَتَابَ، فَأَمَّا إِذَا تَقَدَّمَتْ تَوْبَتُهُمُ الْقُدْرَةَ عَلَيْهِمْ، فَلَا تُهْمَةَ وَهِيَ نَافِعَةٌ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي سُورَةِ" يُونُسَ" [3]، فَأَمَّا الشُّرَّابُ وَالزُّنَاةُ وَالسُّرَّاقُ إِذَا تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَعُرِفَ ذَلِكَ مِنْهُمْ، ثُمَّ رُفِعُوا إِلَى الْإِمَامِ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَحُدَّهُمْ، وَإِنْ رُفِعُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا تُبْنَا لَمْ يُتْرَكُوا، وَهُمْ فِي هَذِهِ الْحَالِ كَالْمُحَارِبِينَ إِذَا غُلِبُوا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[سورة المائدة (5): الآيات 35 الى 36]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (36)

[1] راجع ج 5 ص 385.
[2] كذا في الأصل وفي تفسير ابن عطية. والذي في البحر: (وهذا الوعيد كغيره مقيد بالمشيئة، وله تعالى أن يغفر هذا الذنب ولكن في الوعيد خوف على المتوعد عليه نفاذ الوعيد) وهو أوضح.
[3] راجع ج 8 ص 383.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 6  صفحه : 158
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست